{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)}{والضحى} ذكر في الشمس وضحاها {والليل إِذَا سجى} فيه أربعة أقوال: أذ أقبل، وإذا أدبر، وإذا أظلم، وإذا سكن أي استقر واستوى، أو سكن فيه الناس والأصوات، ومنه: ليلة ساجية إذا كانت ساكنة الريح، وطرف ساج أو ساكن غير مضطرب النظر. وهذا أقرب في الاشتقاق وهو اختيار ابن عطية {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى} بتشديد الدال من الوداع وقرئ بتخفيفها بمعنى: ما تركك والوداع مبالغة في الترك {وَمَا قلى} أي ما أبغضك، وحذف ضمير المفعول من قلى وآوى وهدى وأغنى اختصاراً، لظهور المعنى ولموافقة رؤوس الآي. وسبب الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطأ عليه الوحي، فقالت قريش: إن محمداً ودعه ربه وقلاه، فنزلت الآية تكذيباً لهم وقيل: رمي عليه الصلاة والسلام بحجر في أصبعه فدميت فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم، فقالت امرأة: ما أرى شيطان محمد إلا قد تركه فنزلت الآية {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى} أي الدار الآخرة خير لك من الدنيا، قال ابن عطية: ويحتمل أن يريد بالآخرة حاله بعد نزول هذه السورة، ويريد بالأولى حالة نزولها، وهذا بعيد والأول أظهر وأشهر.